فصل: تفسير الآيات (229- 232):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مدارك التنزيل وحقائق التأويل بـ «تفسير النسفي» (نسخة منقحة).



.تفسير الآيات (229- 232):

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}
{الطلاق مَرَّتَانِ} الطلاق بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم أي التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع، والإرسال دفعة واحدة. ولم يرد بالمرتين التثنية ولكن التكرير كقوله {ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] أي كرة بعد كرة لا كرتين اثنتين وهو دليل لنا في أن الجمع بين الطلقتين والثلاثة بدعة في طهر واحد، لأن الله تعالى أمرنا بالتفريق لأنه وإن كان ظاهره الخبر فمعناه الأمر وإلا يؤدي إلى الخلف في خبر الله تعالى، لأن الطلاق على وجه الجمع قد يوجد. وقيل: قالت أنصارية: إن زوجي قال: لا أزال أطلقك ثم أراجعك فنزلت {الطلاق مرتان} أي الطلاق الرجعي مرتان لأنه لا رجعة بعد الثالث {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} برجعة، والمعنى فالواجب عليكم إمساك بمعروف {أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسان} بأن لا يراجعها حتى تبين بالعدة. وقيل: بأن يطلقها الثالثة في الطهر الثالث. ونزل في جميلة وزوجها ثابت بن قيس بن شماس وكانت تبغضه وهو يحبها وقد أعطاها حديقة فاختلعت منه بها وهو أول خلع كان في الإسلام {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ} أيها الأزواج أو الحكام لأنهم الآمرون بالأخذ والإيتاء عند الترافع إليهم فكأنهم الآخذون والمؤتون {أن تَأخُذُواْ مِمَّآ آتَيتُمُوهُنَّ شَيْئاً} مما أعطيتموهن من المهور {إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} إلا أن يعلم الزوجان ترك إقامة حدود الله فيما يلزمهما من مواجب الزوجية لما يحدث من نشوز المرأة وسوء خلقها {فَإِنْ خِفْتُمْ} أيها الولاة، وجاز أن يكون أول خطاب للأزواج وآخره للحكام {أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} فلا جناح على الرجل فيما أخذ ولا عليها فيما أعطت {فِيمَا افتدت بِهِ} فيما افتدت به نفسها واختلعت به من بذل ما أوتيت من المهر. {إلا أن يخافا} حمزة على البناء للمفعول وإبدال {ألا يقيما} من ألف الضمير وهو من بدل الاشتمال نحو (خيف زيد تركه إقامة حدود الله). {تِلْكَ حُدُودَ الله} أي ما حد من النكاح واليمين والإيلاء والطلاق والخلع وغير ذلك {فَلاَ تَعْتَدُوهَا} فلا تجاوزوها بالمخالفة {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فأولئك هُمُ الظالمون} الضارون أنفسهم. {فَإِن طَلَّقَهَا} مرة ثالثة بعد المرتين، فإن قلت الخلع طلاق عندنا وكذا عند الشافعي رحمه الله في قول، فكأن هذه تطليقة رابعة. قلت: الخلع طلاق ببدل فيكون طلقة ثالثة، وهذه بيان لتلك أي فإن طلقها الثالثة ببدل فحكم التحليل كذا {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ} من بعد التطليقة الثالثة {حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} حتى تتزوج غيره. والنكاح يسند إلى المرأة كما يسند إلى الرجل كالتزوج، وفيه دليل على أن النكاح ينعقد بعبارتها، والإصابة شرطت بحديث العسيلة كما عرف في أصول الفقه، والفقه فيه أنه لما أقدم على فراق لم يبق للندم مخلصاً لم تحل له إلا بدخول فحل عليها ليمتنع عن ارتكابه {فَإِن طَلَّقَهَا} الزوج الثاني بعد الوطء {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} على الزوج الأول وعليها {أَن يَتَرَاجَعَا} أن يرجع كل واحد منهما إلى صاحبه بالزواج {إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله} إن كان في ظنهما أنهما يقيمان حقوق الزوجية ولم يقل إن علما أنهما يقيمان لأن اليقين مغيب عنهما لا يعلمه إلا الله {وَتِلْكَ حُدُودُ الله يُبَيّنُهَا} وبالنون: المفضل {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يفهمون ما بين لهم.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النساء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي آخر عدتهن وشارفن منتهاها، والأجل يقع على المدة كلها وعلى آخرها. يقال لعمر الإنسان أجل، وللموت الذي ينتهى به أجل. {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} أي فإما أن يراجعها من غير طلب ضرار بالمراجعة، وإما أن يخليها حتى تنقضي عدتها وتبين من غير ضرار {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} مفعول له أو حال أي مضارين، وكان الرجل يطلق المرأة ويتركها حتى يقرب انقضاء عدتها ثم يراجعها لا عن حاجة ولكن ليطوّل العدة عليها فهو الإمساك ضراراً {لّتَعْتَدُواْ} لتظلموهن أو لتلجئوهن إلى الافتداء {وَمَن يَفْعَلْ ذلك} يعني الإمساك للضرار {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} بتعريضها لعقاب الله {وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيات الله هُزُوًا} أي جدوا بالأخذ بها والعمل بما فيها وارعوها حق رعايتها وإلا فقد اتخذتموها هزواً. يقال لمن لم يجد في الأمر إنما أنت لاعب وهازئ {واذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ} بالإسلام وبنبوة محمد عليه السلام {وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مّنَ الكتاب والحكمة} من القرآن والسنة وذكرها مقابلتها بالشكر والقيام بحقها {يَعِظُكُمْ بِهِ} بما أنزل عليكم وهو حال {واتقوا الله} فيما امتحنكم به {واعلموا أَنَّ الله بِكُلِّ شَئ عَلِيمٌ} من الذكر والاتقاء والاتعاظ وغير ذلك وهو أبلغ وعد ووعيد. {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النساء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي انقضت عدتهن فدل سياق الكلامين على افتراق البلوغين لأن النكاح يعقبه هنا وذا يكون بعد العدة، وفي الأولى الرجعة وذا يكون في العدة {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} فلا تمنعوهن. العضل: المنع والتضييق {أَن يَنكِحْنَ} من أن ينكحن {أزواجهن} الذين يرغبن فيهم ويصلحون لهن، وفيه إشارة إلى انعقاد النكاح بعبارة النساء، والخطاب للأزواج الذي يعضلون نساءهم بعد انقضاء العدة ظلماً ولا يتركونهن يتزوجن من شئن من الأزواج، سموا أزواجاً باسم ما يؤول إليه. أو للأولياء في عضلهن أن يرجعن إلى أزواجهن الذين كانوا أزواجاً لهن، سموا أزواجاً باعتبار ما كان. نزلت في معقل ابن يسار حين عضل أخته أن ترجع إلى الزوج الأول.
أو للناس أي لا يوجد فيما بينكم عضل لأنه إذا وجد بينهم وهم راضون كانوا في حكم العاضلين {إِذَا تراضوا بَيْنَهُم} إذا تراضى الخطاب والنساء {بالمعروف} بما يحسن في الدين والمروءة من الشرائط، أو بمهر المثل والكفء لأن عند عدم أحدهما للأولياء أن يتعرضوا. والخطاب في {ذلك} للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل واحد {يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر} فالموعظة إنما تنجع فيهم {ذلكم} أي ترك العضل والضرار {أزكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} أي لكم من أدناس الآثام أو أزكى وأطهر وأفضل وأطيب {والله يَعْلَمُ} ما في ذلك من الزكاء والطهر {وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ذلك.

.تفسير الآيات (233- 240):

{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)}
{والوالدات يُرْضِعْنَ أولادهن} خبر في معنى الأمر المؤكد ك {يَتَرَبَّصْنَ} وهذا الأمر على وجه الندب أو على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه، أو لم توجد له ظئر، أو كان الأب عاجزاً عن الاستئجار، أو أراد الوالدات المطلقات وإيجاب النفقة والكسوة لأجل الرضاع {حَوْلَيْنِ} ظرف {كَامِلَيْنِ} تأمين وهو تأكيد لأنه مما يتسامح فيه فإنك تقول: أقمت عند فلان حولين ولم تستكملهما {لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} بيان لمن توجه إليه الحكم أي هذا الحكم لمن أراد إتمام الرضاعة. والحاصل أن الأب يجب عليه إرضاع ولده دون الأم، وعليه أن يتخذ له ظئراً إلا إذا تطوعت الأم بإرضاعه وهي مندوبة إلى ذلك ولا تجبر عليه، ولا يجوز استئجار الأم ما دامت زوجة أو معتدة {وَعلَى المولود لَهُ} الهاء يعود إلى اللام الذي بمعنى (الذي)، والتقدير: وعلى الذي يولد له وهو الوالد، و{له} في محل الرفع على الفاعلية ك {عليهم} في {المغضوب عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] وإنما قيل {على المولود له} دون الوالد ليعلم أن الوالدات إنما ولدن لهم إذ الأولاد للآباء والنسب إليهم لا إليهن فكان عليهم أن يرزقوهن ويكسوهن إذا أرضعن ولدهم كالأظار، ألا ترى أنه ذكره باسم الوالد حيث لم يكن هذا المعنى وهو قوله: {واخشوا يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً} [لقمان: 33] {رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف} بلا إسراف ولا تقتير، وتفسيره ما يعقبه وهو أن لا يكلف واحد منهما ما ليس في وسعه ولا يتضارا {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا} وجدها أو قدر إمكانها. والتكليف إلزام ما يؤثره في الكلفة. وانتصاب {وسعها} على أنه مفعول ثانٍ ل {تكلف} لا على الاستثناء ودخلت إلا بين المفعولين.
{لاَ تُضَارَّ} مكي وبصري بالرفع على الإخبار ومعناه النهي وهو يحتمل البناء للفاعل والمفعول وأن يكون الأصل (تضارر) بكسر الراء أو (تضارر) بفتحها. الباقون {لا تضار} على النهي والأصل (تضارر) أسكنت الراء الأولى وأدغمت في الثانية فالتقى الساكنان ففتحت الثانية لالتقاء الساكنين {والدة بِوَلَدِهَا} أي لا تضار والدة زوجها بسبب ولدها وهو أن تعنف به وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد، وأن تقول بعدما ألفها الصبي أطلب له ظئر أو ما أشبه ذلك {وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} أي ولا يضار مولود له امرأته بسبب ولده بأن يمنعها شيئاً مما وجب عليه من رزقها وكسوتها أو يأخذه منها وهي تريد إرضاعه. وإذا كان مبنياً للمفعول فهو نهي عن أن يلحق بها الضرار من قبل الزوج، وعن أن يلحق الضرار بالزوج من قبلها بسبب الولد، أو تضار بمعنى تضر والباء من صلته أي لا تضر والدة ولدها فلا تسيء غذاءه وتعهده ولا تدفعه إلى الأب بعد ما ألفها، ولا يضر الوالد به بأن ينتزعه من يدها أو يقصر في حقها فتقصر هي في حق الولد.
وإنما قيل {بولدها} و{بولده} لأنه لما نهيت المرأة عن المضارة أضيف إليها الولد استعطافاً لها عليه وذلك الوالد {وَعَلَى الوارث} عطف على قوله {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن} وما بينهما تفسير للمعروف معترض بين المعطوف والمعطوف عليه أي وعلى وارث الصبي عند عدم الأب {مثل ذلك} أي مثل الذي كان على أبيه في حياته من الرزق والكسوة. واختلف فيه؛ فعند ابن أبي ليلى: كل من ورثه، وعندنا: من كان ذا رحم محرم منه لقراءة ابن مسعود رضي الله عنه {وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك}، وعند الشافعي رحمه الله: لا نفقة فيما عدا الولاد. {فَإِنْ أَرَادَا} يعني الأبوين {فِصَالاً} فطاماً صادراً {عَن تَرَاضٍ مّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} بينهما {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} في ذلك زادا على الحولين أو نقصا، وهذه توسعة بعد التحديد، والتشاور استخراج الرأي من شرت العسل إذا استخرجته، وذكره ليكون التراضي عن تفكر فلا يضر الرضيع، فسبحان الذي أدب الكبير ولم يهمل الصغير واعتبر اتفاقهما، لأن للأب النسبة والولاية وللأم الشفقة والعناية. {وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أولادكم} أي لأولادكم عن الزجاج. وقيل: استرضع منقول من أرضع، يقال أرضعت المرأة الصبي واسترضعتها الصبي معدّى إلى مفعولين أي أن تسترضعوا المراضع أولادكم فحذف أحد المفعولين يعني غير الأم عند إبائها أو عجزها {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم} إلى المراضع {مَّا ءاتَيْتُم} ما أردتم إيتاءه من الأجرة. أتيتم مكي من أتى إليه إحساناً إذا فعله ومنه قوله {كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} [مريم: 61] أي مفعولاً، والتسليم ندب لا شرط للجواز {بالمعروف} متعلق ب {سلمتم} أي سلمتم الأجرة إلى المراضع بطيب نفس وسرور {واتقوا الله واعلموا أَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا تخفى عليه أعمالكم فهو يجازيكم عليها.
{والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ} تقول توفيت الشيء واستوفيته إذا أخذته وافياً تاماً أي تستوفى أرواحهم {وَيَذَرُونَ} ويتركون {أزواجا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} أي وزوجات الذين يتوفون منكم يتربصن أي يعتددن، أو معناه يتربصن بعدهم بأنفسهن فحذف بعدهم للعلم به. وإنما احتيج إلى تقديره لأنه لابد من عائد يرجع إلى المبتدأ في الجملة التي وقعت خبراً. {يتوفون}: المفضل أي يستوفون آجالهم {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} أي وعشر ليال والأيام داخلة معها ولا يستعمل التذكير فيه ذهاباً إلى الأيام تقول صمت عشراً ولو ذكرت لخرجت من كلامهم {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} فإذا انقضت عدتهن {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أيها الأئمة والحكام {فِيمَا فَعَلْنَ في أَنفُسِهِنَّ} من التعرض للخاطب {بالمعروف} بالوجه الذي لا ينكره الشرع {والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} عالم بالبواطن.
{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النساء} الخطبة الاستنكاح، والتعريض أن تقول لها إنك لجميلة أو صالحة ومن غرضي أن أتزوج ونحو ذلك من الكلام الموهم أنه يريد نكاحها حتى تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه، ولا يصرح بالنكاح فلا يقول إني أريد أن أتزوجك. والفرق بين الكناية والتعريض أن الكناية أن تذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له، والتعريض أن تذكر شيئاً تدل به على شيء لم تذكره كما يقول المحتاج للمحتاج إليه جئتك: لأسلم عليك ولأنظر إلى وجهك الكريم، ولذلك قالوا:
وحسبك بالتسليم مني تقاضيا

فكأنه إمالة الكلام إلى غرض يدل على الغرض {أَوْ أَكْنَنتُمْ في أَنفُسِكُمْ} أو سترتم وأضمرتم في قلوبكم فلم تذكروه بألسنتكم لا معرضين ولا مصرحين {عَلِمَ الله أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} لا محالة ولا تنفكون عن النطق برغبتكم فيهن فاذكروهن {ولكن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّا} جماعة لأنه مما يسر أي لا تقولوا في العدة إني قادر على هذا العمل {إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} وهو أن تعرضوا ولا تصرحوا. و{إلا} متعلق ب {لا تواعدوهن} أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة {وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النكاح} من عزم الأمر وعزم عليه. وذكر العزم مبالغة في النهي عن عقد النكاح لأن العزم على الفعل يتقدمه فإذا نهى عنه كان عن الفعل أنهى، ومعناه ولا تعزموا عقد عقدة النكاح، أو ولا تقطعوا عقدة النكاح لأن حقيقة العزم القطع ومنه الحديث: «لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل» وروي لمن لم يبيت الصيام أي ولا تعزموا على عقدة النكاح {حتى يَبْلُغَ الكتاب أَجَلَهُ} حتى تنقضي عدتها. وسميت العدة كتاباً لأنها فرضت بالكتاب يعني حتى يبلغ التربص المكتوب عليها أجله أي غايته {واعلموا أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا في أَنفُسِكُمْ} من العزم على ما لا يجوز {فاحذروه} ولا تعزموا عليه {واعلموا أَنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} لا يعاجلكم بالعقوبة.
ونزل فيمن طلق امرأته ولم يكن سمى لها مهراً ولا جامعها {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} لا تبعة عليكم من إيجاب مهر {إِن طَلَّقْتُمُ النساء} شرط، ويدل على جوابه {لا جناح عليكم} والتقدير: إن طلقتم النساء فلا جناح عليكم {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} ما لم تجامعوهن، و{ما} شرطية أي إن لم تمسوهن {تماسوهن}: حمزة وعلي حيث وقع لأن الفعل واقع بين اثنين {أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} إلا أن تفرضوا لهن فريضة أو حتى تفرضوا، وفرض الفريضة تسمية المهر وذلك أن المطلقة غير الموطوءة لها نصف المسمى إن سمى لها مهر، وإن لم يسم لها مهر فليس لها نصف مهر المثل بل تجب المتعة، والدليل على أن الجناح تبعة المهر قوله {وإن طلقتموهن} إلى قوله {فنصف ما فرضتم} فقوله {فنصف ما فرضتم} إثبات للجناح المنفي ثمة {وَمَتِّعُوهُنَّ} معطوف على فعل محذوف تقديره فطلقوهن ومتعوهن.
والمتعة درع وملحفة وخمار {عَلَى الموسع} الذي له سعة {قَدَرُهُ} مقداره الذي يطيقه. قدره فيهما: كوفي غير أبي بكر وهما لغتان {وَعَلَى المقتر} الضيق الحال. {قَدَرُهُ} ولا تجب المتعة عندها إلا لهذه وتستحب لسائر المطلقات {متاعا} تأكيد لمتعوهن أي تمتيعاً {بالمعروف} بالوجه الذي يحسن في الشرع والمروءة {حَقّاً} صفة ل {متاعاً} أي متاعاً واجباً عليهم أو حق ذلك حقاً {عَلَى المحسنين} على المسلمين، أو على الذين يحسنون إلى المطلقات بالتمتيع. وسماهم قبل الفعل محسنين كقوله عليه السلام: «من قتل قتيلاً فله سلبه» وليس هذا الإحسان هو التبرع بما ليس عليه إذ هذه المتعة واجبة.
ثم بين حكم التي سمى لها مهراً في الطلاق قبل المس فقال: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} (أن) مع الفعل بتأويل المصدر في موضع الحر أي من قبل مسكم إياهن {وَقَدْ فَرَضْتُمْ} في موضع الحال {لَهُنَّ فَرِيضَةً} مهراً {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلاَّ أَن يَعْفُونَ} يريد المطلقات. و(أن) مع الفعل في موضع النصب على الاستثناء كأنه قيل: فعليكم نصف ما فرضتم في جميع الأوقات إلا وقت عفوهن عنكم من المهر. والفرق بين الرجال (يعفون) والنساء {يعفون} أن الواو في الأول ضميرهم والنون علم الرفع، والواو في الثاني لام الفعل والنون ضميرهن، والفعل مبني لا أثر في لفظه للعامل {أَوْ يَعْفُوَاْ} عطف على محله {الذى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} هو الزوج كذا فسره علي رضي الله عنه وهو قول سعيد ابن جبير وشريح ومجاهد وأبي حنيفة والشافعي على الجديد رضي الله عنهم، وهذا لأن الطلاق بيده فكان بقاء العقد بيده، والمعنى أن الواجب شرعاً هو النصف إلا أن تسقط هي الكل أو يعطي هو الكل تفضلاً، وعند مالك والشافعي في القديم هو الولي. قلنا: هو لا يملك التبرع بحق الصغيرة فكيف يجوز حمله عليه؟ {وَأَن تَعْفُواْ} مبتدأ خبره {أَقْرَبُ للتقوى} والخطاب للأزواج والزوجات على سبيل التغليب ذكره الزجاج أي عفو الزوج بإعطاء كل المهر خير له، وعفو المرأة بإسقاط كله خير لها أو للأزواج {وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل} التفضل {بَيْنِكُمْ} أي ولا تنسوا أن يتفضل بعضكم على بعض {إِنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم على تفضلكم.
{حافظوا عَلَى الصلوات} داوموا عليها بمواقيتها وأركانها وشرائطها {والصلاة الوسطى} بين الصلوات أي الفضلى من قولهم للأفضل الأوسط. وإنما أفردت وعطفت على الصلوات لانفرادها بالفضل. وهي صلاة العصر عند أبي حنيفة رحمه الله وعليه الجمهور لقوله عليه السلام يوم الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم ناراً» وقال عليه السلام: «إنها الصلاة التي شغل عنها سليمان حتى توارت بالحجاب» وفي مصحف حفصة {والصلاة الوسطى صلاة العصر} ولأنها بين صلاتي الليل وصلاتي النهار، وفضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم. وقيل: صلاة الظهر لأنها في وسط النهار، أو صلاة الفجر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل، أو صلاة الغرب لأنها بين الأربع والمثنى، ولأنها بين صلاتي مخافتة وصلاتي جهر، أو صلاة العشاء لأنها بين وترين، أو هي غير معينة كليلة القدر ليحفظوا الكل. {وَقُومُواْ لِلَّهِ} في الصلاة {قانتين} حال أي مطيعين خاشعين أو ذاكرين الله في قيامكم. والقنوت أن تذكر الله قائماً أو مطيلين القيام {فَإِنْ خِفْتُمْ} فإن كان بكم خوف من عدو أو غيره {فَرِجَالاً} حال أي فصلوا راجلين وهو جمع راجل كقائم وقيام {أَوْ رُكْبَانًا} وحداناً بإيماء ويسقط عنه التوجه إلى القبلة {فَإِذَا أَمِنتُمْ} فإذا زال خوفكم {فاذكروا الله} فصلوا صلاة الأمن {كَمَا عَلَّمَكُم} أي ذكراً مثل ما علمكم {مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} من صلاة الأمن.
{والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أزواجا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم} بالنصب شامي وأبو عمرو وحمزة وحفص أي فليوصوا وصية عن الزجاج. غيرهم بالرفع أي فعليهم وصيةٌ {متاعا} نصب بالوصية لأنها مصدر أو تقديره متعوهن متاعاً {إِلَى الحول} صفة ل {متاعاً} {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} مصدر مؤكد كقولك (هذا القول غير ما تقول)، أو بدل من {متاعاً} والمعنى أن حق الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يحتضروا بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولاً كاملاً أي ينفق عليهن من تركته ولا يخرجن من مساكنهن، وكان ذلك مشروعاً في أول الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى: {والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أزواجا} إلى قوله {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} والناسخ متقدم عليه تلاوة ومتأخر نزولاً كقوله تعالى: {سَيَقُولُ السفهاء مِنَ الناس} [البقرة: 142]. مع قوله تعالى: {قَدْ نرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السماء} [البقرة: 144]. {فَإِنْ خَرَجْنَ} بعد الحول {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ في أَنفُسِهِنَّ} من التزين والتعرض للخطاب {مِن مَّعْرُوفٍ} مما ليس بمنكر شرعاً {والله عَزِيزٌ حَكُيمٌ} فيما حكم.